تصريح وزير الخارجية في البرلمان بشأن الشرق الأوسط، 21 يوليو 2025
أدلى وزير الخارجية بتصريح في مجلس العموم بشأن الشرق الأوسط: سورية والأراضي الفلسطينية المحتلة.

بالإذن منكم، السيد نائب الرئيس، أود أن أدلي بتصريح حول الشرق الأوسط. وسأبدأ بسورية.
لقد هالنا ما شهدناه من أعمال العنف التي وقعت مؤخرا في جنوب سورية، بما في ذلك مقتل مدنيين.
الاشتباكات بين الميليشيات الدرزية والبدوية سرعان ما تصاعدت حدتها لتتحول إلى قتال عنيف بين القوات الحكومية، وتخللها مزيد من الضربات الجوية الإسرائيلية الموجهة إلى المؤسسة العسكرية السورية.
وكما قلت مباشرة لوزير الخارجية الشيباني، نحن نريد أن نرى انتهاء القتال، وحماية المدنيين، واحترام حقوق جميع السوريين.
ويجب التحقيق في أعمال العنف التي وقعت في السويداء، ومحاسبة المسؤولين عنها.
ونريد أن نرى إعادة فتح المعابر الإنسانية، وإيصال المساعدات، وأن تحترم سيادة سورية.
يمكن للمملكة المتحدة أن تفتخر بدعمها للشعب السوري الذي قدمته لهم على مدى سنوات طويلة.
كما أن استقرار سورية يصب في مصلحة المملكة المتحدة الوطنية، وهو مهم لمواجهة الإرهاب، ومواجهة الهجرة غير النظامية، ولترسيخ استقرار المنطقة.
علينا العمل لمنع ترسيخ التطرف أو الطائفية أو مظاهر الخروج عن القانون الآن بعد رحيل الأسد.
لهذا السبب ندعم التوصل لوقف إطلاق نار مستدام، ولهذا السبب ندعم عملية انتقالية لا تستثني أحدا.
ولهذا السبب ذهبت لزيارة دمشق مؤخرا للإعراب عن دعمنا للحكومة الجديدة والضغط عليها للوفاء بالتزاماتها.
سأنتقل الآن إلى الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
لقد مضى شهران ونصف الشهر منذ استأنف رئيس الوزراء نتنياهو العمليات العسكرية الهجومية.
والجيش الإسرائيلي أجبر الفلسطينيين على الخروج من 86 في المئة من قطاع غزة، تاركا حوالي مليوني شخص عالقين في منطقة لا تزيد مساحتها على عشرين ميلا مربعا.
مهما كانت ادعاءات هذه الحكومة الإسرائيلية، فإن التهجير المتكرر لهذا العدد من المدنيين لا يحافظ على سلامتهم. بل في الواقع يؤدي إلى عكس ذلك تماما.
كما إن نظام المساعدات الإسرائيلي الجديد غير إنساني، وخطير ويحرم سكان غزة من الكرامة الإنسانية.
إنه يتناقض مع المبادئ الإنسانية الراسخة. ويخلق فوضى تستغلها حركة حماس بسبب تقليص نقاط التوزيع من 400 نقطة إلى أربع نقاط فقط.
إنه يجبر المدنيين اليائسين، ومن بينهم أطفال، على التدافع بشكل غير آمن للحصول على أساسيات الحياة.
إنه مشهد بشع، ينتج عنه وقوع خسائر بشرية فادحة.
فقد قُتل ما يقارب 1000 مدني منذ شهر مايو فيما كانوا يسعون للحصول على المساعدات، بما في ذلك 100 شخص في نهاية الأسبوع الماضي وحده.
وهناك تقارير شبه يومية تتحدث عن إطلاق القوات الإسرائيلية النار على مواطنين يحاولون الحصول على الغذاء.
كما أطلقت طائرات إسرائيلية النار على نساء وأطفال كانوا ينتظرون فتح أبواب عيادة صحية.
وأصابت طائرة مسيّرة أطفالا يملأون أوعية بالمياه، وألقى المسؤولون الإسرائيليون باللوم في ذلك الحادث على “خطأ فني”.
إن حركة حماس تساهم في الفوضى وتستفيد منها.
إنني أدين تماما قتل مدنيين يسعون للحصول على أبسط احتياجاتهم الأساسية.
على الحكومة الإسرائيلية الإجابة:
ما هو المبرر العسكري المحتمل للغارات التي أدت إلى قتل أطفال يائسين يتضورون جوعا؟
ما هي الإجراءات الفورية التي تتخذها لوقف هذه السلسلة من الفظائع؟
ما الذي سيفعلونه لمحاسبة المسؤولين؟
لقد قلت من قبل إنني مؤيد ثابت لأمن إسرائيل وحقها في الوجود.
وإنني أعتز بالصلات العديدة التي تربط شعبينا.
ويجب ألا ننسى أبدا أهوال 7 أكتوبر.
ولكنني أعتقد اعتقادا راسخا بأن تصرفات الحكومة الإسرائيلية تلحق ضررا لا يوصف بمكانة إسرائيل في العالم، وتقوض أمن إسرائيل على المدى البعيد.
يجب على نتنياهو أن ينصت إلى الإسرائيليين، حيث يرغب 82 في المئة منهم بشدة في التوصل إلى وقف لإطلاق النار.
وعليه أن ينصت إلى عائلات الرهائن لأنهم يعلمون أن وقف إطلاق النار يوفر أفضل فرصة لعودة أحبائهم إلى ديارهم.
قد يكون هؤلاء الرهائن مودعين في أنفاق ضيقة تحت أنقاض غزة، ولكننا لن ننساهم، ولن ننسى أفعال حماس الدنيئة، وسنستمر في المطالبة بإطلاق سراحهم بلا شروط.
هذا الهجوم يعرضهم لخطر شديد.
إلا أن نتنياهو لا يزال مصرا على موقفه.
حتى أن الوزير كاتس ذهب إلى أبعد من ذلك باقتراحه نقل جميع سكان غزة إلى رفح، وسجن الفلسطينيين ما لم يقتنعوا بالهجرة عن أرضهم.
إنها رؤية قاسية يجب ألا تتحقق.
وإنني أدينها إدانة لا لبس فيها.
إن التهجير القسري الدائم هو انتهاك للقانون الدولي الإنساني.
ويشعر العديد من الإسرائيليين أنفسهم بالارتياع من ذلك.
رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود باراك قال: “إنه يسير بنا نحو الهاوية”. وكان كلامه محقا.
لقد ضممت صوتي اليوم إلى بيان مشترك صدر عن 25 وزير خارجية يوجهون من خلاله رسالة بسيطة وعاجلة: الحرب في غزة يجب أن تنتهي الآن.
لا يوجد حل عسكري.
المفاوضات ستؤمن الإفراج عن الرهائن.
فيما أن المزيد من إراقة الدماء لن يخدم أي غرض.
يجب على كل من حماس وإسرائيل الالتزام بوقف إطلاق النار الآن.
وينبغي أن يكون وقف إطلاق النار المقبل هو آخر وقف لإطلاق النار.
أنا أشكر الولايات المتحدة وقطر ومصر على جهودهم الدؤوبة.
وإنني متأكد من أن جميع النواب يشاركونني الشعور بالإحباط الشديد لعدم حدوث ذلك.
وإلى حين التوصل إلى ذلك الانفراج، ينبغي علينا بذل كل ما في وسعنا من أجل تخفيف المعاناة.
المساعدات المملكة المتحدة أنقذت الأرواح.
حيث وصلت إلى مئات الآلاف بتوفير الغذاء والمياه، ومستلزمات النظافة، والصرف الصحي، والرعاية الصحية الأساسية.
وفي ظل أكثر الظروف فظاعة، مساعداتنا اليوم تنقذ أرواحا كثيرة.
هذا يشمل ما يقرب من 9 ملايين جنيه إسترليني قدمتها الحكومة إلى منظمة UK-Med منذ استلامنا السلطة. حيث خدمات المنظمة عالجت نصف مليون مريض داخل غزة، 24,000 من هؤلاء في الأسبوعين الماضيين فقط.
من بينهم رزان البالغة من العمر ثلاث سنوات.
حيث استطاع مسعفون تمولهم المملكة المتحدة إزالة رصاصة من رقبتها بعد عملية جراحية استمرت حوالي ثلاث ساعات.
أولئك الأطباء والممرضون الذين يعملون في أقسى الظروف هم أبطال حقيقيون.
إنهم يستحقون الشكر وأن يكونوا موضع إعجاب المجلس بأكمله.
كذل نعمل بالطبع ضمن جهود متعددة الأطراف.
فقد دخلت 149 شاحنة تابعة لبرنامج الأغذية العالمي ومنظمة يونيسف إلى غزة في الأيام الأخيرة محملة بإمدادات غذائية ممولة من المملكة المتحدة.
ويمكن لآلاف الشاحنات الأخرى المحملة بالمساعدات التي دفع ثمنها دافعو الضرائب البريطانيون أن تدخل في اللحظة التي تسمح فيها الحكومة الإسرائيلية بذلك.
واليوم أعلن تقديم مبلغ 40 مليون جنيه إسترليني إضافي من أجل توفير المساعدة الإنسانية في غزة هذا العام، ومن ضمنها 7.5 ملايين إسترليني لمنظمة UK-Med لمواصلة عملياتها الحيوية في غزة وإنقاذ المزيد من الأرواح.
وبموازاة الأهوال التي تقع في غزة هناك حملة متسارعة في الضفة الغربية لمنع قيام دولة فلسطينية مستقبلية.
يتبنى هذه الحملة نتنياهو، ويشجعها وزراءه. إنها مدفوعة بأيديولوجية متطرفة تريد خنق حل الدولتين، الذي هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام والأمن الدائمين.
ونحن نرى ذلك من خلال الوتيرة غير المسبوقة لأعمال التوسع الإستيطاني.
ومن خلال المستويات المروعة لعنف المستوطنين، بل وإرهاب المستوطنين، فأفظع الهجمات الإيديولوجية تلك لا يمكن إلا وصفها بالإرهاب.
ونرى ذلك في المحاولات المتعمدة للضغط على السلطة الفلسطينية، وحرمانها ظلما من الحصول على أموالها التي تخصها، وهو ما يضر بمصالح إسرائيل على المدى البعيد.
واليوم تعيد الحكومة الإسرائيلية طرح خطط لبناء وحدات سكنية جديدة في المنطقة إي 1، في القدس الشرقية المحتلة.
في حال بناء تلك المستوطنة، فإنها ستفصل شمال الضفة الغربية عن جنوبها، وستفصل الفلسطينيين في الضفة الغربية عن الفلسطينيين في القدس الشرقية.
هذه الخطط غير مقبولة على الإطلاق.
إنها خطط غير قانونية.
ويجب عدم تنفيذها.
نحن نسعى جاهدين لإبقاء آمال حل الدولتين إمكانية قائمة.
والمساعدات التي تقدمها المملكة المتحدة تحافظ على السلطة الفلسطينية، وتساهم في دفع رواتب الموظفين الفلسطينيين الأساسيين، وتساعدهم في المضي قدما في تنفيذ إصلاحات حيوية.
واليوم، أستطيع أن أؤكد أننا نعزز دعمنا من خلال تقديم 7 ملايين جنيه إسترليني لتعزيز السلطة الفلسطينية والحوكمة الفلسطينية، تنفيذا للاتفاق الذي كنت قد وقعته مع رئيس الوزراء مصطفى في وقت سابق من هذا العام.
ونحن نساعد في تأمين تنفيذ خطط الإصلاح التي كان قد حددها الرئيس عباس.
ويمكنني أيضا أن أؤكد أننا سنقدم 20 مليون جنيه إسترليني لدعم وكالة أونروا وخدماتها العديدة إلى اللاجئين الفلسطينيين.
وإلى جانب هذا الدعم، نقود جهودا دبلوماسية لإظهار أنه ينبغي أن يكون هناك مسار سلمي قابل للتطبيق تجاه إقامة دولة فلسطينية، تتكفل فيها السلطة الفلسطينية، وليس حركة حماس، في توفير الأمن وإدارة المنطقة.
لا يمكن أن يكون لحماس أي دور في حكم قطاع غزة، ولا استخدام القطاع كمنصة لانطلاق الاعمال الإرهابية.
ويجب على الوزراء الإسرائيليين دعم السلطة الفلسطينية - وليس السعي إلى تقويض اقتصادها، كما يفعل الوزيران بن غفير وسموتريتش.
وتتشارك المملكة المتحدة مع مصر في قيادة الشق الإنساني وإعادة الإعمار في خطة مؤتمر حل الدولتين المقبل.
ونحن ندفع تجاه التوصل إلى اتفاق على خطط لمرحلة مقبلة يمكن تنفيذها في غزة تقودها سلطة فلسطينية مسؤولة بعد إصلاحها.
وبذلك يمكننا تحويل أي اتفاق مؤقت لوقف إطلاق النار إلى سلام دائم.
خلال العام الماضي الذي أمضته على رأس السلطة، عملت حكومة حزب العمال هذه على معالجة هذا الصراع المروع.
فقد استأنفنا تمويل وكالة أونروا، بعد أن كانت حكومة حزب المحافظين قد جمدته.
وعلّقنا العمل بتراخيص تصدير الأسلحة، عندما رفض حزب المحافظين التحرك في هذا الصدد.
كما قدمنا ما يقرب من ربع مليار كمساعدات إنسانية لهذا العام والعام المقبل، حيث نوفر العناية الطبية والغذاء لمئات الآلاف من المدنيين في غزة.
ولقد ساندنا عائلات الرهائن في كل مرحلة من المراحل.
وعملنا مع الأردن لنقل الأدوية جوا إلى غزة، وعملنا مع مصر لعلاج المدنيين الذين جرى إجلاؤهم طبيا، ومع الكويت ويونيسف لمساعدة الأطفال في غزة.
كذلك فرضنا ثلاث حزم من العقوبات على المستوطنين الضالعين بأعمال عنف، وعلقنا المفاوضات التجارية الجارية مع هذه الحكومة الإسرائيلية، وفرضنا عقوبات على وزيرين من اليمين الإسرائيلي المتطرف بسبب أعمال التحريض التي يقومان بها.
كما دافعنا عن استقلالية المحاكم الدولية. ووقعنا اتفاقا تاريخيا مع السلطة الفلسطينية، واستقبلنا رئيس الوزراء الفلسطيني في لندن، ودفعنا تجاه الإصلاح الذي تحتاجه السلطة الفلسطينية.
لقد دعونا إلى …
وعملنا من أجل…
وصوتنا من أجل…
الوقف الفوري لإطلاق النار، وإطلاق سراح الرهائن في كل فرصة ممكنة.
وسنواصل القيام في ذلك إلى أن تنتهي هذه الحرب وتطلق حماس سراح الرهائن، ونتمكن أخيرا من توفير مسار يفضي إلى حل الدولتين.
إنني أعهد بهذا التصريح إلى مجلس العموم.